responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 228
[سورة ص (38): الآيات 75 الى 83]
قالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (75) قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (78) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79)
قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" قالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ" أَيْ صَرَفَكَ وَصَدَّكَ" أَنْ تَسْجُدَ" أَيْ عَنْ أَنْ تَسْجُدَ" لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ" أَضَافَ خَلْقَهُ إِلَى نَفْسِهِ تَكْرِيمًا لَهُ، وَإِنْ كان خالق كل شي وَهَذَا كَمَا أَضَافَ إِلَى نَفْسِهِ الرُّوحَ وَالْبَيْتَ وَالنَّاقَةَ وَالْمَسَاجِدَ. فَخَاطَبَ النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَهُ فِي تَعَامُلِهِمْ، فَإِنَّ الرَّئِيسَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ لَا يُبَاشِرُ شَيْئًا بِيَدِهِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْإِعْظَامِ وَالتَّكَرُّمِ، فَذِكْرُ الْيَدِ هُنَا بِمَعْنَى هَذَا. قَالَ مُجَاهِدٌ: اليد ها هنا بمعنى التأكيد وَالصِّلَةِ، مَجَازُهُ لِمَا خَلَقْتُ أَنَا كَقَوْلِهِ:" وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ" [الرحمن: 27] أَيْ يَبْقَى رَبُّكَ. وَقِيلَ: التَّشْبِيهُ فِي الْيَدِ فِي خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ، وَإِنَّمَا هُمَا صِفَتَانِ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ تَعَالَى. وَقِيلَ: أَرَادَ باليد القدرة، يقال: مالي بِهَذَا الْأَمْرِ يَدٌ. وَمَا لِي بِالْحَمْلِ الثَّقِيلِ يَدَانِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْخَلْقَ لَا يَقَعُ إِلَّا بِالْقُدْرَةِ بِالْإِجْمَاعِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
تَحَمَّلْتُ مِنْ عفراء [1] ما ليس لي به ... - لا لِلْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ يَدَانِ
وَقِيلَ:" لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ" لِمَا خَلَقْتُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ." أَسْتَكْبَرْتَ" أَيْ عَنِ السُّجُودِ" أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ" أَيِ الْمُتَكَبِّرِينَ عَلَى رَبِّكَ. وَقَرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ شِبْلٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وَأَهْلِ مَكَّةَ" بِيَدَيَّ اسْتَكْبَرْتَ" مَوْصُولَةَ الْأَلِفِ عَلَى الْخَبَرِ وَتَكُونُ أَمْ مُنْقَطِعَةً بِمَعْنَى بَلْ مِثْلَ:" أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ

[1] في الأصول ذلفاء وهو تحزيف. والبيت لعروة بن حزام.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست